الصفحات

الثلاثاء، 13 يناير 2015

خيانة الله والوطن والقضية ... أعظم الخيانات



خيانة الله والوطن والقضية ... أعظم الخيانات

بقلم
المهندس ياسين آل قوام الدين الكليدار الرضوي الحسيني

الحمد لله رب العالمين..
والصلاة والسلام على امام المرسلين ,,
أما بعـد

من المؤسف حقاً أن تبحث عن الصدق في عصر الخيانة وتبحث عن الاخلاص في قلوب جبانة.
فعندما يطعنك أحدهم في زمان كثر فيه الخونة ,فذلك أمر طبيعي في زماننا ,
ولكن عندما يتعلق الامر بمصير الأمة ومستقبل الوطن ودماء الابرياء و كرامة الشعوب و حياة الاجيال و مقدساتها ,
وتجد ان من يدعي الجهاد والمقاومة والصلاح ويتطاول ويزاحم الناس في ذلك ,,وتجده خوان أثيم ...فتلك هي الكارثة !!
حتى اصبح الجهاد والمقاومة
سلعة تباع وتشترى في سوق الادعياء, واصبح مافرضه الله على الناس من جهاد الكافرين و  المعتدين لدرء المفسدة عن الامة وابناءها وارضها وحقوقها,
سلعة يتداولها الادعياء في فنادق الخمس نجوم وردهات السفارات الغربية!
 اننا نعلم ان الخيانة درجات ومراتب .
فهناك خيانة الدين.
وهناك خيانة الأمانة.
وهناك خيانة العهد.
وهناك خيانة الرعية.
وهناك الخيانة في الحرب.

والخيانة في كل احوالها و اشكالها خلق ذميم ورذيلة خسيسة تنفر منها الفطرة السليمة و الضمائر الحية ، وتزداد الخيانة سوءاً إذا اقترنت بالغدر ..
وتزداد فضاعة اذا كان نتيجتها ضياع الاوطان وإراقة الدماء و إماتة و تضييع القضية !!
 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له"
وأي صاحب فطرة سليمة وضمير حي ينبغى أن يكون حريصا على أداء الأمانات و الالتزام بالعهود والمواثيق ،
إرضاء لله تعالى اولا وآخرا  ، ومنها حبا للخير والفضيلة ،

 وتمسكا بصفات الأمناء من الصديقين والأنبياء ,الذين يفوزون بجنة الله يوم القيامة.
 ولقد حذر الله تعالى من الخيانة بكل اشكالها وأنواعها , وذم اصحابها وجعلهم مطرودين من محضره ..
"وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا"(107) سورة النساء
"إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ" (38) سورة الحـج
"وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ " (58) سورة الأنفال
"ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ" (52) سورة يوسف
أما  خيانة الوطن
فهي أعظم وأكبر مما تحتمله أي نفس ، وتجمع الامم على اختلاف عقائدها و مشاربها وتوجهاتها على مقت الخائن لوطنه ، 
فكل فعل مشين يمكن للمرء أن يجد مبررا لفاعله إلا خيانة الوطن ؛ فأنه لا يمكن ان يكون له اي مبرر ،لأنه يخالف كل عقيدة سماوية او وضعية ,

 ولا يوجد اي منطق او تبرير يدفع بأي شخص الى هذا الفعل المشين ايا كان اسمه او عنوانه .
إلا ان يكون نتاجا ً شيطانيا غرته نفسه ليهوي بها في مهاوي الردى ويسقط بها في غياهب الضلال ..
فما هي قيمة المرء بدون وطنه ؟؟ فكيف اذا كان خائنا له ؟؟
ومهما كان هناك الاختلاف في الافكار او العقائد او المبادئ ....
ومهما تورط المرء ببعض الاخطاء ,,
فلا يمكن لأي صاحب معدن نقي ودم طاهر و فطرة سليمة وعقيدة حقة ان يخون بلده ووطنه..
سواء بقول او فعل او حتى اشارة ..
ولا يمكن لأي اختلاف ان يبرر خيانة الله والوطن والمبدأ والقضية..
ولكننا اليوم نجد ان بعض اصحاب العقول المريضة امسى يسمي الخيانة بأنها السياسة المطلوبة  لمرحلة ما , او لموقف ما !!!

فهل هنالك سياسة تعمل لخدمة الله والوطن تكون على هامش التواطؤ والخيانة والعمالة ؟
وما قيمة اي نصر سياسي او انجاز يتم استحصاله اذا كان على هامش الخيانة او العمالة والتواطؤ مع اعداء الله و الوطن ؟
والى اي مدى وصل ببعض ادعياء السياسة التفريط والتهاون والخداع والتزييف و ان يقوموا بخلط الاسماء والمسميات لتزيين الصورة وتغييب الحقيقة ؟؟
فالخيانة خيانة مهما جملوها وزينوها و وضعوا لها عناوين اخرى لتغييب الحقيقة.
قد نختلف مع احد في الرؤيا وقد نمقته و نمقت افعاله ورؤيته للأمور ، 
وقد تتطلب بعض المواقف التعامل بواقعية وبشيء من سعة الصدر ..خصوصا مع المسميات والعناوين التي تفرض سياساتها بقوتها الظالمة المارقة ..
ولكن ليس على حساب العقيدة والوطن والموقف الحق ..
وليس على حساب المبادئ التي ضحى من اجلها الملايين من دمائهم وضحوا بأغلى ما يملكون في سبيلها.
و لا شيء يبرر خيانة الله والوطن والقضية.
ومن المعلوم ان هنالك ثلاثة صفات مرتبطة أحداهن بالأخرى  و لا تكون احداهن إلا بالأخرى : ( الغـدر ، و الخيانة ، و النفاق ) .
 فالغدر يتطلب الخيانة ، و الخيانة تتطلب النفاق ، و جميع هذه الصفات هي من أقبح و أرذل الصفات التي قد تجتمع عند إنسان .
حتى أقبح الناس صفات يكره ويمقت الخائن و يزدريه ، 

لأن خيانة الوطن تعني بالضرورة عدم المروءة ،
والإنسان الذي لا يملك المروءة  يمكنه أن  يبيع عِرضهُ  وشرفه  كما يمكنه أن يبيع وطنه ،
وإذا أعتقد اي من هؤلاء الاسماء والعناوين ان الخيانة ستذهب ويذهب ذكرها مع الايام.
او ان هنالك اشخاص او مسميات وتحت اي عنوان سيمررون فعلتهم بناءا ً على مقتضيات الظروف والضرورة  ..
فأن الله و الوطن و التاريخ لا يمكن ان يصفح عنهم أبدا ،
فقال الله تعالى
"يَا أَيُّهَا الَّذيِنَ ءَامَنُوا لا تَخُونُوا الله والرَّسُولَ وتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ " الآنفال 27
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لكل غادر لواء يوم القيامة يرفع له بقدر غدره ألا ولا غادر أعظم غدراً من أمير عامة "ونتذكر ما قاله الشاعر العربي في الاخلاص للوطن والقضية ..
بلادي وأن هانت على عزيزة....ولو أنني أعرى بها و أجوعُ
ولى كف ضرغام أصول ببطشها...و أشرى بها بين الورى و أبيعُ
تظل ملوك الأرض تلثم ظهرها....وفى بطنها للمجدبين ربيعُ
أأجعلها تحت الثرى ثم أبتغى....خلاصا لها ؟ أني إذن لوضيعُ 
ولذلك فمن غير الممكن و المقبول لا في المناهج السماوية ولا في المناهج الوضعية حتى ,
ان يأتي احد ادعياء المقاومة والجهاد ليرائي الناس على الفضائيات وفي المنابر الاعلامية وغيرها ,
ليتبجح باسم المقاومة والجهاد وما الى ذلك من الشعارات السامية الطاهرة ,
ليسوق صلاحه على ما يقدمه من واجبات تجاه وطنه وامته وشعبه وقبل كل ذلك تجاه ربه ودينه,
وتتضح حقيقة أمره ان سلعته الحقيقية وحقيقة امره هي التواطؤ مع اعداء الله ضد الامة والدين والوطن والشعب,
مقابل مصالح فئوية او شخصية رخيصة حقيرة .,
يبتغي منها علو شانه او مقامه في الارض ,
او علو شأن حزبه او فرقته!!
ومنهم من يتجاوز كل الخطوط سواء كانت الحمراء ام غيرها ان وجدت,
حتى وصل الحال ببعض ادعياء الجهاد والمقاومة الى ان يفتحوا قنوات تواصل وتفاهم مع العدو الذي كان السبب وراء كل هذا الخراب والدمار الذي لحق بالعراق وشعبه وامته,
هذا العدو الذي ذبح الملايين من الابرياء ودمر الحضارة والعمران!!
والحجة التي يبررها لنفسه تحت عنوان الغاية تبرر الوسيلة!!
او انها السياسة التي تقتضيها المرحلةََ!
وعلى حساب كل الدماء التي نزفت وكل الاجيال التي ضاعت وكل البنيان الذي هدم , وكل مقدس انتهك, وكل ...وكل... !!!
فهل هنالك بعد هذا الكفر من كفر؟!
وهل بعد هذه الخيانة من خيانة؟!
وان لم تكن هذه هي الخيانة العظمى لله والامة والدين والوطن والمبادى, فماذا تكون الخيانة اذا ؟!
والسوال لهؤلاء الخونة...
ان كانت الخيانة والتفريط بكل ماذكرناه من ثوابت ومقدسات هي مقتضيات سياسية لمرحلة ما,
اذا لماذا بالاساس قاتلنا هذا العدو؟
ولماذا بالاساس صار الخراب والدمار وقتل ملايين الابرياء على يد هذا العدو ؟
اذا كانت السياسة اليوم تقتضي ان نمرر له مايريد في سبيل رضائه عنكم!!
لحصولكم على مكاسب شخصية او فئوية وعلى حساب كل مقدس,
وتبررون ان ذلك هو في مصلحة الوطن !!
وعلى اعتبار انكم من يمثل الوطن" فمباح لكم ان تطأوا كل المقدسات في سبيل مصالحكم التي هي مصلحة الوطن"!
فاي تزيف وخداع وخيانة هذه؟!
ولكن نسيتم ايها الخونة انكم اليوم لستم في صف الجهاد والمقاومة بالمطلق والعموم .
انما انتم اليوم في صف العدو الباغي الكفور.
وكل من يسمح لنفسه بالجلوس الى طاولة العدو او حتى التفكير في ذلك فقد خرج من ملة الجهاد والمقاومة بالمطلق, 
بعد كل هذا الثمن الباهض من التضحيات التي قدمها الوطن ,
لن يكون لكم عنون إلا تحت عبارة:
 "مرتزقة خدم المحتل و اعداء الوطن".
وسيلعنكم الله والوطن والتاريخ والشعب الى ابد الدهر.